Saturday, December 11, 2010

Just a Seed




مجرد بذرة


معظمنا يعرف الفيلم الاخير لـ " ليوناردو دي كابريو " المدعو Inception وترجمته الحرفيه ( زراعة الافكار ) . وفكرة الفيلم خياليه حيث يقول الفيلم انه يوجد طريقة لمشاركة الأحلام فيما بين الاشخاص ،وبطريقة معينة نستطيع سرقة أفكارك اذا كنا لصوص وانت تحلم .. لكن الفكرة الاصعب التي تمحور الفيلم عليها انه بالامكان ايضا زراعة فكرة داخل العقل .. ولكن الفكرة يجب أن تأتي في أبسط صورها كي يقتنع عقلك انها نابعه منك ليس أخر وضعها لك..إلهام حقيقى . رغم صعوبة الفكرة لكن في الواقع يستطيع البعض وبمهارة وضع أفكار في عقلك وانت تقتنع انها منك .

- مثال بسيط يوضح الفكرة عن وضع الافكار بالطريقة الخطأ ،لو قلت لك لا تفكر في الكلاب - علي سبيل المثال – فمن الطبيعي لطريقة عمل عقولنا ان اول ما ستفكر فيه هو الكلاب ، اذن وضعت الفكرة في عقلك ولكن المشكلة أن عقلك بالطبع سيتتبع أصل الفكرة التي هي نابعة مني ( من مصدر خارجي ) وليس انت مبتكرها فأنا لم أفعل شيئا .. ولكن سأعطيك مثال الان عن كيفية زراعة فكرة حقيقية في عقلك عن طريق أبسط شكل لها ،ثم نعرف مع بعضنا كيف نحارب تلك الافكار ومن حقا يستخدمها وكيف ذلك ...

- مارك كان يريد ركوب المترو كعادته ،وكان يركب المصعد للنزول للرصيف ،فصعد المسئول وأدخله للمصعد وأنزله علي الرصيف وأعطاه تذكرة مترو وكتب عليه " م " مع تاريخ اليوم ثم ذهب . في ضوء تلك القصة ماذا أستنتجت عن مارك ؟ نحن نري علي لافتات المصاعد في محطات المترو أن المصاعد للمعاقيين أو ذوي الاحتياجات الخاصة ،فمن الطبيعي أنك ستقول عن مارك انه معاق ،او مصاب ،لاسيما انه كتب علي التذكرة " م " حيث ان تذكرته لم تختم من المكينة ( مكينة العبور ) . ولما لا ، يبدو كل شيء منطقي .ولكن الحقيقة ان أنا من وضعت تلك الفكرة في عقلك ،فأنا لم أقول شيئا عن مارك لكنك أنت وضعت تلك الفكرة وعقلك مقتنع بذلك ايضا ،ولكن ان أخبرتك الحقيقة أن " م " ترمز لمصعد ،وقد ركب مارك المصعد لان ناظر المحطة يعرفه ويعرف انه يحمل بضاعة ثقيله لا يستطيع نقلها علي السلالم .وهو فعليا بحالة صحية جيدة . اذن أستنتجنا أن نفس القصة أو الموضوع أو الحدث يستطيع وضع أفكار في عقلك رغم انها من اخريين ،لكن خدعوك حيث انها تلك افكار يريدونك ان تصدقها ،وأنت صدقتها وعقلك يري انه من ولدها لذلك هي حقيقية فأنا ( عقلك ) من ولدتها .

- والان وقد عرفت أن زراعة الافكار ممكنة ،هلما معا نتدرب علي كيفية مساعدة عقلنا للدفاع عن نفسه في مواجهة الافكار الخاطئة المولدة من الغير ،ظانيين أننا أصحاب تلك الافكار ،بل ونتعايش بها ، وأسوء من ذلك تصبح جزء من شخصيتنا وجزء من نمط حياتنا .

- ملحوظة صغيرة قبل أن نبدأ .ليس بالضرورة زارع الافكار شرير ،وليس بالضرورة تكون عن قصد لكنك أقتنعت بفكرة من شخص معين مع أنه ليس السبب في طريقة تفكيرك .وسأوضح بعد قليل ما أعنيه .

- الان كنت قد كلمت أحد أصدقائي علي الهاتف ،وفي وسط حديثنا أخبرته ان الجو غد سيكون سيئ ملبد بالغيوم ولن نري الشمس حتي في منتصف الظهيرة ،لكنني وجدته في اليوم التالي يرتدي جاكت للمطر وسألته لماذا ؟ قال لي ألم تقل انها ستمطر ... فأجبت بالنفي ... وأصر هو علي أني قلت ذلك .. وبعد حديث ممل من العناد ،أقتنع أنه هو من وضع تلك الفكرة في رأسه . ولكن لتفادي تلك الانواع من زراعة الافكار علينا أن نصحح معلوماتنا قصدي لا تأخذ أخبارك من فم أشخاص حتي ولو تثق بهم ،البعض قد يبالغ أو يقلل من المعلومات التي يتكلم بها ،عن قصد أو غير قصد ،ليس مهم ،النتيجة واحدة ،والحل واحد .. التحقق .

- نأخذ شكل أخر لكن هذا النوع قد يستخدمه الاشخاص عن قصد .في طور تدريب نفسي علي زراعة الافكار وتفاديها ،كنا نتكلم أنا وصديق لي عن موقف حدث معي في الخدمة في الكنيسة وبالتحديد عن أحد الافراد ،وفور ذكري أسمه صار يقول عنه أنه لا يطاق ولا تستطيع التحدث معه .ثم ذكر أسم فلان أخر به نفس الصفات لكن هذا الثاتي لم أكن قابلته قط أو تكلمت معه . لكن شائت الظروف ووضعتنا في الخدمة لكني كنت أنفر منه لمجرد أن صديقي قال ذلك .لكني مع الوقت أكتشفت ان كل تلك الصفات التي قالها عنه صديقي ليست من صفاته ،وعرفت بعد ذلك أن فلان وصديقي كان بينهم شجار ،فقال ما قال عنه غيظا .

- لكن لن أتوقف عند ذلك الحد . فليس جميعا يمتلك فكرا ومشاعر ناضجة ،فمنا من هو كذلك يمكن أن يأخذ رأيه عن فلان من فلان أخر لمجرد انه شخص " cool " او محبوب فاذن هذا الـ " المحبوب " هو قاموس الاشخاص . بل وقد ندافع عن رأيه كأنه رأيينا .بل وان كان هذا الشخص منافق قد يستفيد من هذا بأن ينفر الناس من شخص معين لسبب ما ، وقد يكون سبب تافه ،ولكن بما أننا نحن من وضعناه في هذا الموضع من السلطة ليتحكم بأفكارنا ،ونحن كمسوخ أمامه .سامحوني أن كان كلامي فظ أو صعب لكني صريح وأنا لا أتحامل علي حد .وصراحة قد أختبرت بنفسي ان أكون ضحية من يتحكمون بما حولهم ،وكنت في الناحية التي تترك الاخريين يتحكمون بنا .

- ولعلاج تلك الاجتماعيات المشوهة أن تترك لنفسك المساحة الكافية لتكون رأيك وفكرك ،لاتكتفي بمن يجرون الابحاث وسط الناس مكانك ،فمنهم من يخطيء ،يزيل ،يضيف ،يصحح،ينكر،ويتلاعب،وانت تؤشر وتمضي علي تقريره كالجاهل الذي يمضي علي الورق الابيض لمجرد أن أعز الناس اليك قدموا لك هذه الورقة .لا أقول لا تثق بأحد ،لكن دع مكان للشك أو بمعني أخر " حكم عقلك " لا تغيبه بل أفحص ما تسمع .... أذن ثانيا " الدراسة " .

- قد تقول اني لم أفعل أو لا أفعل مثل هذا ،لكني أقول لك أنك قد لا تدري ،بل وان البعض لا يسمح لنفسه بأن يري تغير الناس – ان فعلوا – ويظلوا علي أفكارهم أو أفكار غيرهم .وقد ظلموا بهذا الكثيريين وهم لا يدرون .. يا تري أتستطيع التأكد التام ،أنك بريء من هذا كله ؟؟

- واخيرا .. النوع المفضل لدي من الزراعة .. الافضل ،الاقوي،الأكثر فاعلية ،الاقل ادراكا بما فعله ،وأكثرهم انتشارا وتوسعا وشكلا ... الميديا من الاعلانات وأفلام وأغاني وأشعار ومسلسلات ،من حضارات مخلفة وأفكار مختلفة ورئيسهم الانترنت الذي بلا رقابة أي ان كان نوعها – الا علي حقوق الملكية الفكرية – تري من يروج العنف تارة ،البؤس تارة ،الاحتياج الي مخلص كما نري من قصص الابطال الخارقين ،وأفظعهم أفكار الحب المشوهه والغريب أن صناع تلك الافكار لا يعرضونها عندهم ،أتسأل اذا كانت تلك حرب فكر للمجتمع الشرقي ،او بالاحري مسح للافكار وزراعة غيرها. وما تفعله الميديا انها تختار فكرة معينة كالحب مثلا بما انه أشهرهم ومعظم الشباب يعانون بسببها ويبدأو ترويجها في اعلانات وصور وأفلام وقصص بأشكال وألوان لا تعد ويبدأوا بالضغط علي فكرك كمن يحاولون أنتزاع الافكار منك في المخابرات حتي تقتنع بأن ما يعرض هو الحق ثم يبدأوا بعملية الغسيل فتبدأ التعامل والتفكير والتكلم كما أرادوا هم منك أن تفعل وساروا هم أسيادك وألهتك .والغريب ان البعض لا يتسأل ولو للحظة ،أهذا الكلام صحيح أو أهذا حقا ما أومن به .. وسرعان ما يبدأ بالانحراف كمثال الزني الفكري ،والذي قد يوقع يعلاقات كثيرة لمجرد ان طرف موهوم بالحقيقة ثم يأخذ فترة نقاهة طويلة يصحح أفكاره ويعالجها ويقومها ،وللأسف المعظم لا يقوا علي ذلك .ويخسروا الكثيرين في حياتهم .

- ولعلاج تلك الظواهر المخيفة التي قد نبتعد عنها فقط في نومنا ،رغم ان احلامنا تلوث ،هو أعادة بناء أساسات فكرك وتلك العملية ليست سهله اطلاقا وقد تكون شبه مستحيله ،لكن الحق الحق أقول لكم من يخرج من تلك العملية يكون أنسان أفضل مما كان عليه قبل دوامة الميديا ،أفضل في حق نفسه والأخرين ،بل وقد يساعد من يريدون الذهاب لبر النجاه ... ثالثا " البناء الجديد " .

- مجرد أضافة بسيطة ،الكائن المحرك والمنظم والمدمر بل ما يجب أن نحترز من زراعته لافكار في عقولنا هو عدو الخير ( أبليس ) ،هذا الكائن لديه من الخبرة أكثر من أعوام البشر في الارض مجمعة .والحل الوحيد للهروب بل والدفاع عن عقلك من اليأس ،الاحباط ،الغضب ،الحزن ،الانتقام ،فقدان الرجاء – أسؤهم - ، ترك المسيا ،بل وفتح مجال لتلك الطرق السابقة .هو الرجوع للحق ،الرجوع للاصل ،الرجوع للذي يحبك ويرعاك ،بل أفتداك ،والوحيد الذي لديه القدرة علي الوقوف أمام الاسد الجائر منتظرا من يبتلعه .... الله ،ضابط الكل ،الحق والحياة ،السيد والمخلص .

- كلمات أخيرة " لاحظ نفسك والتعليم " ، " من دوني – المسيح – لا تقدروا أن تفعلوا شيئا " ، " أنا – المسيح – هو الطريق والحق والحياة "........ان أردت حقا أن تقف أمام الافكار الخاطئة والمشوهة في هذا العالم .. أظن أنك الان تعرف ما عليك فعله .


بيتر جورج

December 4, 2010

شكر خاص لرامز رمزى